إلى متى؟ هذا هو السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في كل وقت وحين، وفي كل يوم يزيدنا جرعة من الحزن والأنين، إلى متى سنظل معطلين مشردين؟، أو بالأحرى إلى متى سنظل مظلومين ومن حقنا محرومين؟ أمَا آن لقلب من ظلمنا أن يلين؟
طال صبرنا، وقلت حيلتنا، وما عدنا على الانتظار قادرين، درسنا، ناضلنا، وللمحضر وقعنا، وبالحكم أتينا، وما زلنا وسط العاصمة مشردين.
ماذا بقي لنا بعد كل هذه الشهور والسنين؟ والله لم يبق لنا إلا تفويض أمرنا إلى رب العالمين، ونقول كما قال نبي الله يعقوب عليه السلام، بعدما لحقه من الظلم من طرف أبنائه الذين فرقوا بينه وبين حبيبه يوسف عليه السلام: “إنما أشكو بثي وحزني إلى الله”.
نفس الأمر يحدث معنا نحن أطر محضر 20 يوليوز 2011، بعد أن أفنينا عمرنا في الدراسة والتحصيل العلمي، وحصلنا على أعلى الشواهد، وحلمنا بغد أفضل، وظننا أن حلمنا قد تحقق، جاء شخص وفرق بيننا وبين حلمنا الذي انتظرناه طويلا، كما فرق أبناء يعقوب بين يوسف وأبيه عليهما السلام.
لقد صرنا لعبة في يد من يجيد اللّعب بمصائر الأطر ومستقبلهم، بعد طول معاناة وسط شوارع العاصمة الرباط، دامت حوالي ثلاث سنوات، يبدو أن مسلسل انتظارنا ما زال طويلا، ويعلم الله متى ستكون الحلقة الأخيرة، صدقنا كذبة أبريل لما قالوا لنا انتظروا 25 أبريل 2011 وسيكون خيرا إن شاء الله، لكننا فوجئنا في نفس اليوم بتدخل عنيف أمام مسجد السنة أسفر عن إصابات متفاوتة الخطورة، وانتظرنا الاستفتاء على الدستور مراعاة لمصلحة الوطن، باعتبارنا أطرا عليا هدفها الأول والأخير خدمة بلدها الأم، وانتظرنا الاستحقاقات البرلمانية طمعا في إفراز حكومة ديمقراطية تنصفنا وتنصف الشعب المغربي قاطبة، لكننا فوجئنا بحكومة ليس بينها وبين الإنصاف والديمقراطية “غير الخير والإحسان”، وانتظرنا فاتح نونبر 2011 تاريخ بداية الأجرأة الإدارية كما هو منصوص عليه في المحضر، لكننا فوجئنا بتماطل وتطمينات بمثابة السم في العسل، وانتظرنا تنصيب الحكومة، وانتظرنا المصادقة على البرنامج الحكومي، وانتظرنا المصادقة على مشروع قانون المالية، وانتظرنا السنة الأولى والثانية والثالثة، وانتظرنا الحكم القضائي وانتظرنا … ومع كل هذا لم تأت الحلقة الأخيرة لمسلسل الانتظار، شيء واحد لم نكن ننتظره بل كان هو الذي ينتظرنا دائما، إنه قوات الأمن، إنه القمع والتنكيل بأجسادنا دون تفريق بين ذكر وأنثى، إنه “التبوريدة” بتعبير رئيس الحكومة الجديدة.
بل أصبح المسلسل أكثر تشويقا بعد أن ظهرت فيه شخصية جديدة، وسيمثلها سيد كنا نعدّه من الأخيار، شأننا شأن كل المغاربة الذين رأوا فيه البديل الأنسب، لعل عهدا جديدا يطل علينا في المستقبل القريب، لعلكم تعلمون عن من أتحدث، إنه رئيس الحكومة المحترم، السيد عبد الإله بنكيران، ولكن واأسفاه واخيبتاه، لقد حوّل حلمنا إلى كابوس، وحياتنا إلى جحيم، شردنا بكل ما للكلمة من معنى، أتدرون ما معنى أن تحصل على شهادة عليا بعد طول معاناة، وتتشرد في شوارع العاصمة 3 سنوات، وتتعرض للضرب لا لشيء إلا لأنك تطالب بحقك الذي أعطته لك دولة المؤسسات؟ صدقوني لا أحد سيحس بما نحس به إلا من مر بنفس المأساة، أتدرون ما معنى أن تخبر أهلك بأن حلمك قد تحقق، وأن عهد البطالة والعطالة قد ولى بعد توقيع محضر 20 يوليوز الذي يقضي بإدماجك مباشرة في أسلاك الوظيفة العمومية بداية من فاتح نونبر 2011، ثم يأتي رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ويحطم كل شيء؟
تلك هي الصدمة التي ما بعدها صدمة، نعم، لقد حطم آمالنا، وسفه أحلامنا، وهشم عظامنا، وإلى المحكمة أرسلنا، ولا زال الظلم يمارس علينا إلى يومنا هذا، ويعلم الله إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه.
ولا أخفيكم سرا أن والدتي عندما رأت رئيس الحكومة وهو يتحدث على شاشة القناة الأولى ويقول “سيروا دعيوني” أصيبت بالدهشة، وقالت لي بنبرة حزينة جدا يقشعر لها البدن: “واش أولدي نتوما غدعيو الدولة”، وكأنها فقدت الثقة في كل شيء، وكأنها أحست بأحلامي تتبخر في الهواء.
نعم كانت هذه ردة فعل أمي الأمية، فما بالك بالأم المثقفة.
ذهبنا إلى القضاء مستبشرين بنزاهته، ولأننا نعلم علم اليقين أن حقنا لا غبار عليه، والحمد لله حكمت المحكمة الإدارية لصالحنا، إلا أن رئيس الحكومة لا يُري الشعب المغربي إلا ما يرى.
رجاء لا تستغربوا، فهناك مثل يقول: “ما دمت في المغرب فلا تستغرب”.
حقا إنه أمر يدعو إلى الاستغراب، وكأننا في قبيلة في إحدى القرى النائية، يحكمها قانون الغاب، ولسنا في دولة الحق والقانون، أو في إحدى الأحياء الشعبية التي تحكمها المافيا، وكل شيء يسير وفق أوامر الزعيم.
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، لأني فعلت كل شيء لأحصل على حقي، درست، ناضلت، حصلت على الحكم من المحكمة، فما الذي لم أفعله.
أحيانا أقول مع نفسي، لعل الفرج قريب، وربما يكون رئيس الحكومة ابتلاء من الله تعالى ليمتحن صبري، وأدعو الله قائلا: اللهم لا تحملني من الأمر ما لا أطيق
وباختصار هذه هي قصتي:
أنا شاب مغربي، كافحت حتى أكملت دراستي
وذهبت إلى الرباط استجابة لنداء دولتي
حكومة عباس الفاسي بالتوظيف وعدتني
وحكومة عبد الإله بنكيران من حقي حرمتني
أنكرتْ محضري وإلى المحكمة أرسلتني
أنصفني القاضي وما زلت محروما من حقي
فاللهم إليك فوضت أمري وإليك أشكو بثي وحزني
عبد ربه واحد من بين المحضريين الذين شردهم رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران، وسلبهم حقهم الذي أعطتهم إياه الحكومة السابقة بتوقيع المحضر الشهير، محضر 20 يوليوز، الذي تحول إلى قضية رأي عام، حيث أصبح الجميع على دراية بمقتضياته وحيثياته، إلا من يهمه الأمر فإنه لا يبالي.